بِسْم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى ، وصلاة وسلاما على النبي المصطفى ، عليه وعلى اله ومن اهتدى

اما بعد ..
فإن من رحمة الله -سبحانه وتعالى – ومنته وكرمه علينا أن جعل لنا مواسم للخيرات، يزداد فيها المؤمن إيمانًا، ويتوبُ فيها العاصي إلى الله، فالسعيد والمحظوظ من اغتنم هذه المواسم المباركة فيملؤها بالطاعات، والشقي من حرم نفسه خيرها، ومن هذه المواسم المباركة شهر الله المحرم، الذي يظلنا في هذه الأيام.
شهر المحرم هو أحد الأشهر الحرم التي قال الله -عز وجل- عنها في كتابه العزيز: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ…) [التوبة: 36].
وقد فصلت السنة النبوية المشرفة هذه الأشهر الحرم، فعن أبي بكرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إِنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ”.

قال الحسن البصري: “إن الله افتتح السنة بشهر حرام، وختمها بشهر حرام، فليس شهر في السنة، بعد شهر رمضان أعظم عند الله من المحرم”.
وكان اسم المحرم في الجاهلية صفر الأول، ثم لما جاء الإسلام سماه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شهرَ الله المحرم، كما جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-: “أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ المحرم”.

ومن فضائل هذا الشهر أن الله نجى فيه موسى وبني إسرائيل من فرعون وقومه؛

عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة، فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: “مَا هَذَا؟”! قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى شكرًا لله، قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: “فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ، فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ”.

وفي فضل الصيام في شهر المحرم قال رسول -صلى الله عليه وسلم-: “أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ”.

فمن هذا الحديث نعلم أن صيام محرم هو أفضل الشهور لصيام التطوع ..
وأفضل الاعمال التي يقوم بها المسلم في شهر محرم هو الصيام .

والصوم عبادة عظيمة
ففي فضلها يقول أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: “مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلا بَاعَدَ اللَّهُ بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا ”.
الله اكبر … ٧٠ خريفا!!
كم نحن بحاجة الى مثل هذه الاجور

نرى التسابق والتسارع الى عروض الاسواق والمتاجر في المواسم كرمضان و الأعياد وبداية العام الدراسي ووو .. الخ
رغم انها أمور دنيوية ورغم انها ملفتات بسيطة جدا ..

ف ما بالنا لا تلفتنا ولا تجذبنا هذه العروض والمواسم العظيمة اللي اخبرنا بها حبيبنا صلى الله عليه وسلم
ليس منا من يعلم متى اجله ولكن كلنا نعلم ونوقن بان الموت حق ؛ وكلنا نعلم ان الدنيا دار متاع والاخرة دار القرار ،فيجب علينا ان نغتنم ما تبقى من الشهر الفضيل ونغتنم ما تبقى من أعمارنا ونزداد للآخرة وتسارع بالتوبة والأعمال الصالحة ونجعل الموت امام اعيننا في كل لحظة..

نسال الله الكريم الحليم الغفور الرحيم ان يمن علينا بغفرانه ورحمته وان يوفقنا لما يحب ويرضى وان يحسّن خواتيمنا ويجعلنا من الفائزين ..

شارك الخبر